يجتمع قادة الدول الـ 31 التي تشكل منظمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس، ليتوانيا، اليوم في قمة تستمر يومين، فيما تقترب الحرب في أوكرانيا من إتمام شهرها الثامن عشر. ويأتي الاجتماع في لحظة حاسمة من الصراع، إذ يسعى «الناتو» إلى تعزيز إمدادات كييف بذخائر جديدة - بما في ذلك القنابل العنقودية التي قدمتها الولايات المتحدة – للقيام بهجومها المضاد، وتقييم تأثير تمرد يونيو الذي قام به رئيس مجموعة فاجنر «يفجيني بريجوزين» على القيادة والعمليات الروسية، والذي تم إجهاضه. لكن التحالف يواجه أيضاً خلافاً داخلياً يتعلق بتردد تركيا في الموافقة على عضوية السويد، وما إذا كان ذلك سيمهد الطريق لانضمام أوكرانيا في نهاية المطاف. ومع ذلك، فإن القادة المجتمعين - بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن - حريصون على استغلال اجتماع هذا الأسبوع للإشارة إلى أن الصراع في أوكرانيا قد عزز الناتو. كما خطط بايدن لعقد اجتماع مناخي رفيع المستوى مع ملك بريطانيا تشارلز الثالث واجتماع مع دول الشمال تستضيفه فنلندا، أحدث عضو في التحالف. وهذه هي النقاط التي تجب مراقبتها مع وصول قادة العالم إلى فيلنيوس:

عضوية السويد

من المقرر أن يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون قبل القمة، حيث تبذل الدولة الاسكندنافية جهداً أخيراً لإقناع أنقرة بضرورة السماح لها بالانضمام إلى «الناتو».

من جانبها، تقول تركيا إن معارضتها تنبع من مخاوف من أن السويد لا تبذل جهوداً كافية لتضييق الخناق على الجماعات الكردية الانفصالية التي تعتبرها أنقرة منظمات إرهابية. كما أشار أردوغان إلى حماسه للقاء بايدن – حيث قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إنه يتوقع أن يتحدث الاثنان في القمة - وشراء طائرات مقاتلة أميركية من طراز إف-16 لجيشه.

وقد أقر بايدن بأن «تركيا تسعى لتحديث طائرات إف -16» وأشار إلى أنها قد تكون جزءاً من تحرك أميركي لتعزيز اليونان، المجاورة لتركيا، عسكرياً. وجدد بايدن دعمه لانضمام السويد إلى «الناتو»، قائلاً: «أنا متفائل».

في حين أن الأوان قد فات بالنسبة لتركيا والمجر الرافضتين للتصديق على عضوية السويد قبل القمة، يأمل الحلفاء في أن يعلن الجانبان أنهما تجاوزا المأزق. وفي يوم الخميس الماضي، بدا الأمين العام للناتو «ينس ستولتنبرج» متفائلاً، حيث قال إن عضوية السويد في متناول اليد، وإنه من الممكن أن يكون هناك «قرار إيجابي» في القمة. وبعد ذلك بيوم، قال أردوغان إن تركيا لا يمكنها الوثوق في بلد «يجول فيه الإرهابيون أحراراً في شوارعه».

مساعدة أوكرانيا

من المنتظر أن تكون أوكرانيا موضوعاً رئيسياً، حيث يخطط الرئيس فولوديمير زيلينسكي للمشاركة في القمة. ومن المتوقع أن تقدم دول «الناتو» البالغ عددها 31 دولة لكييف وعداً بالدعم طويل الأمد، والذي يهدف إلى تعميق العلاقات دون ضمها كعضو على الفور، نظراً لأن الضمانات الأمنية للكتلة بموجب المادة 5 قد تجر الحلفاء إلى حرب روسيا ضد أوكرانيا.

وفي هذا الإطار، أعلنت الولايات المتحدة يوم الجمعة عن حزمة بقيمة 800 مليون دولار تشمل مجموعة ذخائر مثيرة للجدل، والتي حظرها بعض حلفاء «الناتو» بسبب مخاوف إنسانية تتعلق بالذخائر غير المنفجرة.

قال بايدن في مقابلة مع شبكة (سي إن إن) يوم الجمعة إن أوكرانيا ليست «مستعدة للعضوية في الناتو» لأسباب من بينها هجوم روسيا المستمر على البلاد وبنود المادة 5 الخاصة بحلف شمال الأطلسي.

وطالب زيلينسكي القمة بأن ترسل إشارات واضحة لدعم عضوية بلاده، وحث الحلفاء على تقديم منظور أكثر واقعية، بالإضافة إلى بيان عمره 15 عاماً يفيد بأن أوكرانيا ستنضم في النهاية. يتصارع الحلفاء بشأن كيفية معالجة هذه المسألة في بيان القمة، حيث يدفع بعض أعضاء «الناتو» الشرقيين لإيجاد مسار أكثر صلابة، بينما تريد دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا التركيز بدلاً من ذلك على تقديم مساعدات فورية.

وقد يستلزم أحد الخيارات إعلان أن أوكرانيا لا تحتاج إلى خطة عمل من أجل الحصول على العضوية - وهي طريقة لتعجيل عضوية البلد عندما يقرر الحلفاء في النهاية دعوتها للانضمام. ستعمل حزمة فيلنيوس على ترقية الوضع الرسمي لعلاقة «الناتو» مع أوكرانيا من خلال إنشاء مجلس جديد لحلف «الناتو» وأوكرانيا، مما يسمح للبلاد بالمشاركة مباشرة في مناقشات أوسع حول أمن الحلف وإجراء مشاورات مع الحلفاء حول مخاوفها الأمنية.

ومن المتوقع أيضاً أن يوافق قادة «الناتو» على تقديم مساعدات لأوكرانيا بقيمة 500 مليون يورو سنوياً لمساعدتها على تحديث جيشها. وعلى هامش القمة، من المتوقع أن يتعهد بعض الحلفاء بضمانات أمنية ثنائية لأوكرانيا، ويلتزمون بضمان أن تكون قواتها المسلحة مجهزة ومدربة جيداً في محاولة لردع روسيا عن إعادة الغزو بعد انتهاء الحرب.

الإنفاق الدفاعي

من المقرر أن يوقع قادة «الناتو» على تعهد جديد للإنفاق الدفاعي، مع التزام دائم بإنفاق «ما لا يقل عن 2%» من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. ومن المتوقع أيضاً أن يوقع التحالف على ثلاث خطط دفاعية إقليمية لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، والتي توضح بالتفصيل كيف ستدافع الدول عن الأراضي إذا تعرضت لهجوم من قبل روسيا أو الجماعات الإرهابية.

ومن المقرر أيضاً أن يوافق القادة على خطة عمل للصناعة الدفاعية، تهدف إلى تعزيز الإنتاج الدفاعي.

منصب الأمين العام

من أكبر المسائل التي تواجه القادة المجتمعين في فيلنيوس هي من الذي سيقود مجموعتهم في المستقبل، خاصة في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا.

وقد وافق ستولتنبرج الأسبوع الماضي على الخدمة لمدة عام آخر - وهو التمديد الرابع له في المنصب الرفيع. لكن لا يبدو أن أياً من المرشحين الكبيرين لشغل المنصب - رئيسة وزراء الدنمارك «ميتي فريدريكسن» أو وزير الدفاع البريطاني «بن والاس» - قادران على حشد ما يكفي من الإجماع للحصول على الوظيفة، وقد امتنعت الولايات المتحدة في النهاية عن تأييد مرشح علنيا.

علاقة خاصة

يُنظر إلى زيارة بايدن إلى المملكة المتحدة، وهي الزيارة الثانية له خلال ثلاثة أشهر، إلى حد كبير على أنها رحلة تعويضية بعد غيابه عن تتويج تشارلز الثالث في مايو الماضي. ويخطط بايدن لزيارة 10 داونينج ستريت للقاء رئيس الوزراء «ريشي سوناك» قبل السفر إلى قلعة وندسور. ومن المتوقع أن يكشف بايدن والعاهل البريطاني عن جهد مزدوج يتمثل في تجنيد شركات خاصة للمساعدة في تمويل المشاريع التي يمكن أن تقلل من تغير المناخ.

ناتاليا دروزدياك*

*صحفية لدى بلومبيرج تغطي شؤون الناتو والاتحاد الأوروبي.

جاستين سينك**

**مراسل بلومبيرج نيوز في البيت الأبيض.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»